كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



ورواه ابن حبّان، من طريق المعتمر بن سليمان، عن محمد بن عمرو، وذكر جواب الكافر وعذابه.
وقال البزار: حدثنا سعيد بن بحر القراطيسي، حدثنا الوليد بن القاسم، حدثنا يزيد بن كَيْسان، عن أبي حازم، عن أبي هريرة- أحسَبه رفعه- قال: «إن المؤمن ينزل به الموت، ويعاين ما يعاين، فيودّ لو خرجت- يعني نفسُه- والله يحب لقاءه، وإن المؤمن يصعد بروحه إلى السماء، فتأتيه أرواح المؤمنين، فتستخبره عن معارفهم من أهل الأرض، فإذا قال: تركت فلانا في الأرض أعجبهم ذلك. وإذا قال: إن فلانا قد مات، قالوا: ما جيء به إلينا. وإن المؤمن يجلس في قبره، فيسأل: من ربك؟ فيقول: ربي الله ويسأل: من نبيك؟ فيقول: محمد نبيي فيقال: ماذا دينك؟ قال: ديني الإسلام. فيفتح له باب في قبره، فيقول- أو: يقال- انظر إلى مجلسك. ثم يرى القبر فكأنما كانت رَقْدَة. وإذا كان عَدُو الله نزل به الموت وعاين ما عاين، فإنه لا يحب أن تخرج روحه أبدا، والله يبغض لقاءه، فإذا جلس في قبره- أو: أجلس- يقال له: من ربك؟ فيقول: لا أدري. فيقال: لا دريت. فيفتح له باب من جهنم، ثم يضرب ضربة يسمعها كل دابة إلا الثقلين، ثم يقال له: نم كما ينام المنهوش». قلت لأبي هريرة: ما المنهوش؟ قال: الذي تنهشه الدواب والحيات، ثم يضيق عليه قبره.
ثم قال: لا نعلم رواه إلا الوليد بن القاسم.
وقال الإمام أحمد، رحمه الله: حدثنا حُجَين بن المثنى، حدثنا عبد العزيز بن أبي سلمة الماجشون، عن محمد بن المُنكَدِر قال: كانت أسماء- يعني بنت الصديق- رضي الله عنها، تحدث عن النبي صلى الله عليه وسلم قالت: قال: «إذا دخل الإنسان قبره، فإن كان مؤمنا أحَفّ به عملُه: الصلاةُ والصيام»، قال: «فيأتيه الملك من نحو الصلاة فترده، ومن نحو الصيام فيرده»، قال: «فيناديه: اجلس. فيجلس. فيقول له: ماذا تقول في هذا الرجل؟ يعني النبي صلى الله عليه وسلم، قال: من؟ قال: محمد. قال أشهد أنه رسول الله، قال: يقول: وما يدريك؟ أدركته؟ قال: أشهد أنه رسول الله. قال: يقول: على ذلك عشتَ، وعليه متّ، وعليه تبعثُ. وإن كان فاجرًا أو كافرًا، جاءه الملك ليس بينه وبينه شيء يَرُدّه، فأجلسه يقول: اجلس، ماذا تقول في هذا الرجل؟ قال: أي رجل؟ قال: محمد؟ قال: يقول: والله ما أدري، سمعت الناس يقولون شيئا فقلته. قال له الملك: على ذلك عشتَ، وعليه متَ، وعليه تبعثُ. قال: وتسلَّط عليه دابة في قبره، معها سوط تَمْرَته جَمرةٌ مثل غَرْب البعير، تضربه ما شاء الله، صماء لا تسمع صوتَه فترحَمه».
وقال العوفي، عن ابن عباس، رضي الله عنهما، في هذه الآية قال: إن المؤمن إذا حَضرَه الموت شهدته الملائكة، فسلموا عليه وبشروه بالجنة، فإذا مات مَشَوا مع جنازته، ثم صَلَّوا عليه مع الناس، فإذا دفن أجلس في قبره فيقال له: من ربك؟ فيقول: ربي الله. فيقال له: من رسولك؟ فيقول: محمد صلى الله عليه وسلم. فيقال له: ما شهادتك؟ فيقول: أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدا رسول الله. فيوسَّع له في قبره مد بَصَره. وأما الكافر فتنزل عليه الملائكة، فيبسطون أيديهم- والبسط: هو الضرب- يضربون وجوههم وأدبارهم عند الموت. فإذا أدخل قبره أقعد، فقيل له: من ربك؟ فلم يَرْجع إليهم شيئا، وأنساه الله ذكر ذلك. وإذا قيل: من الرسول الذي بُعثَ إليك؟ لم يهتد له، ولم يرجع إليه شيئًا، كذلك يضل الله الظالمين.
وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أحمد بن عثمان بن حكيم الأودي، حدثنا شريح بن مسلمة حدثنا إبراهيم بن يوسف، عن أبيه، عن أبي إسحاق، عن عامر بن سعد البجلي، عن أبي قتادة الأنصاري في قوله تعالى: {يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ} الآية، قال: إن المؤمن إذا مات أجلس في قبره، فيقال له: من ربك؟ فيقول: الله. فيقال له: من نبيك؟ فيقول: محمد بن عبد الله. فيقال له في ذلك مرات. ثم يفتح له باب إلى النار، فيقال له: انظر إلى منزلك في النار لو زُغْت ثم يفتح له باب إلى الجنة، فيقال له: انظر إلى منزلك من الجنة إذ ثبت. وإذا مات الكافر أجلس في قبره، فيقال له: من ربك؟ من نبيك؟ فيقول: لا أدري، كنت أسمع الناس يقولون. فيقال له: لا دريت. ثم يفتح له باب إلى الجنة، فيقال له: انظر إلى منزلك لو ثبت، ثم يفتح له باب إلى النار، فيقال له: انظر إلى منزلك إذ زغت فذلك قوله تعالى: {يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ}.
وقال عبد الرزاق، عن معمر، عن ابن طاوس، عن أبيه: {يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} قال: لا إله إلا الله، {وَفِي الآخِرَةِ} المسألة في القبر.
وقال قتادة: أما الحياة الدنيا فيثبتهم بالخير والعمل الصالح، {وَفِي الآخِرَةِ} في القبر. وكذا روي عن غير واحد من السلف.
وقال أبو عبد الله الحكيم الترمذي في كتابه نوادر الأصول: حدثنا أبي، حدثنا عبد الله بن نافع، عن ابن أبي فُدَيْك، عن عبد الرحمن بن عبد الله عن سعيد بن المسيب، عن عبد الرحمن بن سمرة قال: خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم، ونحن في مسجد المدينة، فقال: «إني رأيت البارحة عجبًا، رأيت رجلا من أمتي جاءه ملك الموت ليقبض روحه، فجاءه برُّه بوالديه فرد عنه. ورأيت رجلا من أمتي قد بسط عليه عذاب القبر، فجاءه وُضوءه فاستنقذه من ذلك. ورأيت رجلا من أمتي قد احتوشته الشياطين، فجاءه ذكر الله فخلصه من بينهم. ورأيت رجلا من أمتي قد احتوشته ملائكة العذاب، فجاءته صلاته فاستنقذته من أيديهم. ورأيت رجلا من أمتي يلهث عطشا، كلما ورد حوضا مُنع منه، فجاءه صيامه فسقاه وأرواه. ورأيت رجلا من أمتي والنبيون قعود حلَقا حلقا، وكلما دنا لحقة طردوه، فجاءه اغتساله من الجنابة، فأخذ بيده فأقعده إلى جنبي. ورأيت رجلا من أمتي من بين يديه ظلمة، ومن خلفه ظلمة، وعن يمينه ظلمة، وعن شماله ظلمة، ومن فوقه ظلمة، ومن تحته ظلمة، وهو متحير فيها، فجاءته حجته وعمرته، فاستخرجاه من الظلمة وأدخلاه النور، ورأيت رجلا من أمتي يكلم المؤمنين فلا يكلمونه، فجاءته صلَة الرحم، فقالت: يا معشر المؤمنين، كلموه، فكلموه. ورأيت رجلا من أمتي يتقي وَهَج النَّار أو شَررهَا بيده عن وجهه، فجاءته صدقته فصارت سترا على وجهه وظلا على رأسه. ورأيت رجلا من أمتي قد أخذته الزبانية من كل مكان، فجاءه أمره بالمعروف ونهيه عن المنكر، فاستنقذاه من أيديهم، وأدخلاه مع ملائكة الرحمة. ورأيت رجلا من أمتي جاثيا على ركبتيه، بينه وبين الله حجاب، فجاءه حسن خُلُقه، فأخذ بيده فأدخله على الله، عز وجل. ورأيت رجلا من أمتي قد هَوت صحيفته من قبل شماله، فجاءه خوفه من الله فأخذ صحيفته، فجعلها في يمينه. ورأيت رجلا من أمتي قد خف ميزانه، فجاءته أفراطه فثقلوا ميزانه ورأيت رجلا من أمتي قائما على شفير جهنم، فجاءه وجَله من الله، فاستنقذه من ذلك ومضى. ورأيت رجلا من أمتي هوى في النار، فجاءته دموعه التي بكى من خشية الله في الدنيا فاستخرجته من النار، ورأيت رجلا من أمتي قائما على الصراط يُرعَد كما ترعد السَّعَفة، فجاء حسن ظنه بالله، فسكَّن رِعْدَته، ومضى ورأيت رجلا من أمتي على الصراط يزحف أحيانا ويحبو أحيانا، فجاءته صلاته عليَّ، فأخذت بيده فأقامته ومضى على الصراط. ورأيت رجلا من أمتي انتهى إلى أبواب الجنة، فغلقت الأبواب دونه، فجاءته شهادة: أن لا إله إلا الله، ففتحت له الأبواب وأدخلته الجنة».
قال القرطبي بعد إيراده هذا الحديث من هذا الوجه: هذا حديث عظيم، ذكرَ فيه أعمالا خاصة تنجي من أهوال خاصة. أورده هكذا في كتابه التذكرة.
وقد روى الحافظ أبو يعلى الموصلي في هذا حديثا غريبا مطولا فقال: حدثنا أبو عبد الله أحمد بن إبراهيم النُّكْرِي، حدثنا محمد بن بكر البرساني أبو عثمان، حدثنا أبو عاصم الحبطي- وكان من خيار أهل البصرة، وكان من أصحاب حزم، وسلام بن أبي مطيع- حدثنا بكر بن خنيس، عن ضرار بن عمرو، عن يزيد الرقاشي، عن أنس بن مالك، عن تميم الداري، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «يقول الله، عز وجل، لملك الموت: انطلق إلى وليي فأتني به، فإني قد ضَربته بالسراء والضراء، فوجدته حيث أحب. ائتني به فَلأريحنَّه. فينطلق إليه ملك الموت ومعه خمسمائة من الملائكة، معهم أكفان وحَنُوط من الجنة، ومعهم ضبائر الريحان، أصل الريحانة واحد وفي رأسها عشرون لونا، لكل لون منها ريح سوى ريح صاحبه، ومعهم الحرير الأبيض فيه المسك الأذفر. فيجلس ملك الموت عند رأسه، وتحف به الملائكة. ويضع كل ملك منهم يده على عضو من أعضائه ويَبْسط ذلك الحرير الأبيض والمسك الأذفَر تحت ذقنه، ويفتَح له بابٌ إلى الجنة، فإن نفسه لَتَعلَّلُ عند ذلك بطرف الجنة تارة، وبأزواجها مرة ومرَّةً بكسواتها ومرة بثمارها، كما يُعَلّل الصبي أهله إذا بكى». قال: «وإن أزواجه ليبتهشن عند ذلك ابتهاشًا». قال: «وتنزو الروح». قال البُرْسَاني: يريد أن تخرج من العَجَل إلى ما تحب. قال: «ويقول مَلَك الموت: اخرجي يا أيتها الروح الطيبة، إلى سدر مخضود، وطلح منضود، وظل ممدود، وماء مسكوب». قال: «ولَمَلَك الموت أشدّ به لطفا من الوالدة بولدها، يعرف أن ذلك الروح حبيب لربه، فهو يلتمس بلطفه تحببا لديه رضاء للرب عنه، فتُسَلُّ روحه كما تسل الشعرة من العجين». قال: وقال الله، عز وجل: {الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ طَيِّبِينَ} [النحل: 32]، وقال: {فَأَمَّا إِنْ كَانَ مِنَ الْمُقَرَّبِينَ فَرَوْحٌ وَرَيْحَانٌ وَجَنَّةُ نَعِيمٍ} [الواقعة: 88، 89]، قال: «روح من جهة الموت، وريحان يتلقى به، وجنة نعيم تقابله». قال: «فإذا قَبض ملك الموت روحه، قالت الروح للجسد: جزاك الله عني خيرا، فقد كنت سريعا بي إلى طاعة الله، بطيئا بي عن معصية الله، فقد نجيت وأنجيت». قال: «ويقول الجسد للروح مثل ذلك». قال: «وتبكي عليه بقاع الأرض التي كان يطيع الله فيها، وكل باب من السماء يصعد منه عمله. وينزل منه رزقه أربعين ليلة». قال: «فإذا قَبَض ملك الموت روحه، أقامت الخمسمائة من الملائكة عند جسده، فلا يقلبه بنو آدم لشق إلا قلبته الملائكة قبلهم، وغسلته وكفنته بأكفان قبل أكفان بني آدم، وحنوط قبل حنوط بني آدم، ويقوم من بين باب بيته إلى باب قبره صفّان من الملائكة، يستقبلونه بالاستغفار، فيصيح عند ذلك إبليس صيحة تتصدعمنها عظام جسده». قال: «ويقول لجنوده: الويل لكم. كيف خَلَص هذا العبد منكم، فيقولون إن هذا كان عبدا معصوما». قال: «فإذا صعد ملك الموت بروحه، يستقبله جبريل في سبعين ألفا من الملائكة، كل يأتيه ببشارة من ربه سوى بشارة صاحبه». قال: «فإذا انتهى ملك الموت بروحه إلى العرش، خَرّ الروح ساجدا». قال: «يقول الله، عز وجل، لملك الموت: انطلق بروح عبدي فضعه في سدر مخضود، وطلح منضود، وظل ممدود، وماء مسكوب». قال: «فإذا وضع في قبره، جاءته الصلاة فكانت عن يمينه، وجاءه الصيام فكان عن يساره، وجاءه القرآن فكان عند رأسه، وجاءه مشيه إلى الصلاة فكان عند رجليه، وجاءه الصبر فكان ناحية القبر». قال: «فيبعث الله، عز وجل، عُنُقًا من العذاب». قال: «فيأتيه عن يمينه» قال: «فتقول الصلاة: وراءك والله ما زال دائبا عمره كله وإنما استراح الآن حين وضع في قبره». قال: «فيأتيه عن يساره، فيقول الصيام مثل ذلك». قال: «ثم يأتيه من عند رأسه، فيقول القرآن والذكر مثل ذلك». قال: «ثم يأتيه من عند رجليه، فيقول مشيه إلى الصلاة مثل ذلك. فلا يأتيه العذاب من ناحية يلتمس هل يجد مساغًا إلا وجَد ولي الله قد أخذ جنته». قال: «فينقمع العذاب عند ذلك فيخرج». قال: «ويقول الصبر لسائر الأعمال: أما إنه لم يمنعني أن أباشر أنا بنفسي إلا أني نظرت ما عندكم، فإن عجزتم كنت أنا صاحبه، فأما إذ أجزأتم عنه فأنا له ذخر عند الصراط والميزان». قال: «ويبعث الله ملكين أبصارهما كالبرق الخاطف، وأصواتهما كالرعد القاصف، وأنيابهما كالصياصي، وأنفاسهما كاللهب، يطآن في أشعارهما، بين مَنْكِب كل واحد مسيرة كذا وكذا، وقد نزعت منهما الرأفة والرحمة، يقال لهما: منكر ونكير، في يد كل واحد منهما مطرقة، لو اجتمع عليها ربيعة ومضر لم يُقلّوها». قال: «فيقولان له: اجلس». قال: «فيجلس فيستوي جالسا». قال: «وتقع أكفانه في حقويه». قال: «فيقولان له: من ربك؟ وما دينك؟ ومن نبيك؟». قال: قالوا: يا رسول الله، ومن يطيق الكلام عند ذلك، وأنت تصف من المَلَكَين ما تصف؟ قال: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «{يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ}. قال: فيقول: ربي الله وحده لا شريك له، وديني الإسلام الذي دانت به الملائكة، ونبيي محمد خاتم النبيين». قال: «فيقولان: صدقت». قال: «فيدفعان القبر، فيوسعان من بين يديه أربعين ذراعا، وعن يمينه أربعين ذراعا، وعن شماله أربعين ذراعا، ومن خلفه أربعين ذراعا، ومن عند رأسه أربعين ذراعا، ومن عند رجليه أربعين ذراعا». قال: «فيوسعان له مائتي ذراع». قال البرساني: فأحسبه: وأربعين ذراعا تحاط به. قال: «ثم يقولان له: انظر فوقك، فإذا باب مفتوح إلى الجنة». قال: «فيقولان له: وليَّ الله، هذا منزلك إذ أطعت الله». فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «والذي نفس محمد بيده إنه يصل إلى قلبه عند ذلك فرحة، ولا ترتد أبدًا، ثم يقال له: انظر تحتك». قال: «فينظر تحته فإذا باب مفتوح إلى النار» قال: «فيقولان: ولي الله نجوت آخر ما عليك». قال: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إنه ليصل إلى قلبه عند ذلك فرحة لا ترتد أبدا». قال: فقالت عائشة: يفتح له سبعة وسبعون بابا إلى الجنة، يأتيه ريحها وبردها، حتى يبعثه الله، عز وجل.
وبالإسناد المتقدم إلى النبي صلى الله عليه وسلم قال: «ويقول الله تعالى لملك الموت: انطلق إلى عدوي فأتني به، فإني قد بسطت له رزقي، ويَسّرت له نعمتي، فأبى إلا معصيتي، فأتني به لأنتقم منه».
قال: «فينطلق إليه ملك الموت في أكره صورة ما رآها أحد من الناس قَطّ، له اثنتا عشرة عينا، ومعه سَفُود من النار كثير الشوك، ومعه خمسمائة من الملائكة، معهم نحاس وجمر من جمر جهنم، ومعهم سياط من نار، لينها لين السياط وهي نار تأجج». قال: «فيضربه ملك الموت بذلك السفود ضربة يغيبُ كل أصل شوكة من ذلك السفّود في أصل كل شعرة وعرق وظفر». قال: «ثم يلويه ليا شديدا». قال: «فينزع روحه من أظفار قدميه». قال: «فيلقيها في عقبيه ثم يسكر عند ذلك عدو الله سكرة، فيرفه ملك الموت عنه». قال: «وتضرب الملائكة وجهه ودُبُره بتلك السياط». قال: «فيشده ملك الموت شدة، فينزع روحه من عقبيه، فيلقيها في ركبتيه، ثم يسكر عدو الله عند ذلك سكرة، فيرفه ملك الموت عنه». قال: «فتضرب الملائكة وجهه ودبره بتلك السياط» قال: «ثم ينتره ملك الموت نَتَرة، فينزع روحه من ركبتيه فيلقيها في حقويه». قال: «فيسكر عدو الله عند ذلك سكرة، فيرفّه ملك الموت عنه». قال: «وتضرب الملائكة وجهه ودُبُره بتلك السياط». قال: «كذلك إلى صدره، ثم كذلك إلى حلقه». قال: «ثم تبسط الملائكة ذلك النحاس وجمر جهنم تحت ذقنه». قال: «ويقول ملك الموت: اخرجي أيتها الروح اللعينة الملعونة إلى سَمُوم وحميم، وظل من يحموم، لا بارد ولا كريم». قال: «فإذا قبض ملك الموت روحه قال الروح للجسد: جزاك الله عني شرا، فقد كنت سريعا بي إلى معصية الله، بطيئا بي عن طاعة الله، فقد هلكت وأهلكت» قال: «ويقول الجسد للروح مثل ذلك، وتلعنه بقاع الأرض التي كان يعصي الله عليها، وتنطلق جنود إبليس إليه فيبشرونه بأنهم قد أوردوا عبدا من ولد آدم النار». قال: «فإذا وضع في قبره ضُيق عليه قبره حتى تختلف أضلاعه، حتى تدخل اليمنى في اليسرى، واليسرى في اليمنى» قال: «ويبعث الله إليه أفاعي دُهمًا كأعناق الإبل يأخذن بأرنبته وإبهامي قدميه فيقرضنه حتى يلتقين في وسطه». قال: «ويبعث الله ملكين أبصارهما كالبرق الخاطف، وأصواتهما كالرعد القاصف، وأنيابهما كالصياصي، وأنفاسهما كاللهب يطآن في أشعارهما، بين منكبي كل واحد منهما مسيرة كذا وكذا، قد نزعت منهما الرأفة والرحمة يقال لهما: منكر ونكير، في يد كل واحد منهما مطرقة، لو اجتمع عليها ربيعة ومضر لم يقلوها» قال: «فيقولان له: اجلس». قال: «فيستوي جالسا» قال: «وتقع أكفانه في حقويه» قال: «فيقولان له: من ربك؟ وما دينك؟ ومن نبيك؟ فيقول: لا أدري. فيقولان: لا دريت ولا تَليّت». قال: «فيضربانه ضربة يتطاير شررها في قبره، ثم يعودان». قال: «فيقولان: انظر فوقك. فينظر، فإذا باب مفتوح من الجنة، فيقولان: هذا- عدو الله- منزلك لو أطعت الله». قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «والذي نفسي بيده، إنه ليصل إلى قلبه عند ذلك حسرة لا ترتد أبدًا». قال: «ويقولان له: انظر تحتك فينظر تحته، فإذا باب مفتوح إلى النار، فيقولان: عدو الله، هذا منزلك إذ عصيت الله». قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «والذي نفسي بيده، إنه ليصل إلى قلبه عند ذلك حسرة لا ترتد أبدا». قال: وقالت عائشة: ويفتح له سبعة وسبعون بابًا إلى النار، يأتيه من حرها وسمومها حتى يبعثه الله إليه. هذا حديث غريب جدًا، وسياق عجيب، ويزيد الرقاشي- راويه عن أنس- له غرائب ومنكرات، وهو ضعيف الرواية عند الأئمة، والله أعلم.
ولهذا قال أبو داود: حدثنا إبراهيم بن موسى الرازي، حدثنا هشام- هو ابن يوسف- عن عبد الله بن بَحير، عن هانئ مولى عثمان، عن عثمان، رضي الله عنه، قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا فرغ من دفن الرجل وقف عليه فقال: «استغفروا لأخيكم، واسألوا له بالتثبيت، فإنه الآن يسأل»، انفرد به أبو داود.
وقد أورد الحافظ أبو بكر بن مَردُويه عند قوله تعالى: {وَلَوْ تَرَى إِذِ الظَّالِمُونَ فِي غَمَرَاتِ الْمَوْتِ وَالْمَلائِكَةُ بَاسِطُو أَيْدِيهِمْ} الآية [الأنعام: 93] حديثا مطولا جدا، من طريق غريب، عن الضحاك، عن ابن عباس مرفوعا، وفيه غرائب أيضا. اهـ.